تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. logo شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
202552 مشاهدة print word pdf
line-top
العدد الذي تجزئ عنه الأضحية

وقال جابر: نحرنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- عام الحديبية البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة رواه مسلم .


قوله: (وقال جابر: نحرنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- عام الحديبية البدنة عن سبعة إلخ):
وذلك لأن المشركين لما صدوهم عن البيت ولم يكملوا عمرتهم كان عليهم هدي؛ لقوله تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة: 196] فاشتروا أو نحروا ما معهم من الهدي، فنحروا سبعين بدنة، البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة وإن كانت البدنة أغلى ثمنا، ولكن البقرة قريبة منها لأنها ذات لحم أكثر.
وأما الشاة الواحدة من الغنم فإنها تذبح عن واحد، ولكن ثبت في حديث جابر وغيره أنهم كانوا يذبحون الشاة عن الرجل وعن أهل بيته، فتجزئ الشاة عنه وعن أهل بيته، ولو كانوا كثيرا، وهذا في الأضاحي.
مسألة: الذبح عن الأموات:
فقد كثر الكلام في الذبح عن الأموات، فالأضحية عن الميت، هل هي مشروعة أم غير مشروعة؟
الأصل والأحاديث والآثار أنها عن الرجل وعن أهل بيته، ولكن لما كانت صدقة وكان الميت يصله أجر الصدقة وصل إليه أجر الأضحية، ولما ورد فيها أن بكل شعرة حسنة وأنه يأتي بقرونها وبأظلافها وأنه يسن استحسانها واستسمانها كان فعلها عن الميت صدقة فيصل إليه أجرها؛ ولأجل ذلك كان كثير من الناس يجعلون في وصاياهم أضاحي، فإذا أوصى قال: اذبحوا لي أضحية عني وعن أبوي- مثلا- أو أضحيتين أو نحو ذلك، كان ذلك مشروعا.
وقد ذكر ذلك الفقهاء، فذكره شيخ الإسلام في بعض كتبه، وذكره صاحب كشاف القناع، وهو أوسع المراجع لكتب الحنابلة، وكذلك شرح المنتهى، فانتشر وكثر، مع أن الأفضل أن الإنسان يضحي عن نفسه وعن أهل بيته، وكونه يخص الأضحية عن والديه جائز، ولكن هو وأهل بيته أولى أن يضحي عنهم، وله أن يشرك أبويه أو غيرهما، فيقول: هذه أضيحة عني وعن أهل بيتي، أو هذه أضحية عن والدي أو أرحامي من الأموات أو نحو ذلك.
وقد كثر الخوض في هذه المسألة وألف فيها ابن محمود رسالة أنكر فيها على الذين يضحون عن الأموات وينسون أنفسهم، وكأنه يميل إلى عدم مشروعيتها عن الميت، ثم رد عليه المشائخ، فرد عليه شيخنا الشيخ عبد الله بن حميد- رحمه الله- برسالته المطبوعة: غاية المقصود في التنبيه على أوهام ابن محمود، ورد عليه أيضا زميلنا الشيخ علي بن حواس- رحمه الله- ورد عليه ردودا مختصرة الشيخ إسماعيل الأنصاري، والشيخ عبد العزيز بن الرشيد، وتعقب ابن الرشيد وتعقب الأنصاري، وذلك تكلف، ولكن يخشى على الناس من الاعتناء بالأضحية عن الأموات وترك الأحياء، فنقول: إن ذلك ليس بسنة إلا إذا كانت وصية؛ لأن الوصايا لا بد من تنفيذها.

line-bottom